تدبير ومعالجة النفايات

الطبية والصيدلية

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مقدمة كتاب

تدبير ومعالجة النفايات الطبية والصيدلية

 

في ظل ما تعرفه البيئة من تهديدات على الصعيدين الدولي والوطني، بات مشكل تدبير ومعالجة النفايات يطرح نفسه بشكل قوي وذلك لما له من خصوصيات دقيقة وحساسية ترتبط مباشرة بسلامة البيئة وصحة الإنسان.

وفي الآونة الأخيرة انصب الاهتمام على مشكل النفايات الطبية والصيدلية التي تنتجها مختلف المؤسسات الاستشفائية، نظرا للخطورة الكبيرة التي تشكلها هذه النفايات، وكذا تعدد أنواعها بسبب التوسع الكبير في الخدمات الطبية الوقائية والتشخيصية، وكذا تقدم مستوى التقنيات الحديثة المستخدمة في مختلف العلاجات الطبية. فسوء تدبير هذه النفايات داخل المؤسسات الاستشفائية يعرض العاملين في القطاع الصحي (الأطباء والممرضون وعمال النظافة) لعدة أنواع من العدوى والتسمم يمكن أن تتسبب في أمراض خطيرة كمرض نقص المناعة المكتسبة (السيدا)، ومرض الالتهاب الفيروسي للكبد )ب( و)ج( وغيرها من أمراض العدوى والجروح التي يمكن أن تحدث كذلك ضررا بالصحة. ولا يقتصر الخطر الكبير لهذه النفايات على العاملين بالقطاع الصحي، بل قد يمتد إلى عدة أفراد من المجتمع، وذلك أثناء مراحل جمع ونقل هذه النفايات، وكذلك عند طرحها في المطارح العمومية ؛ دون أن ننسى أن لهذه النفايات عواقب كارثية على البيئة بفعل إمكانية تلويثها للتربة والماء والهواء.

وتضم النفايات الطبية والصيدلية جميع الأدوات الحادة والقاطعة، والدم ومشتقاته، والنفايات التشريحية، وجميع الحقن والأنابيب المستعملة في العلاج، والمعدات المستعملة في علاج العظام، ونفايات المواد الكيميائية، والنفايات الصيدلية، والمواد المشعة، وغيرها من النفايات التي لها علاقة بالنشاط الطبي. ويتم إنتاج كل هذه النفايات في المستشفيات العمومية، والمصحات الخاصة، والمراكز الصحية، ومراكز تصفية الدم، ومراكز تحاقن الدم، ومختبرات التحاليل الطبية، والعيادات الطبية الخاصة، ومراكز ومختبرات الأبحاث العلمية، وغيرها من المؤسسات المماثلة. فجميع هذه المؤسسات المنتجة معنية بالدرجة الأولى بهذه النفايات وينبغي تدبيرها تدبيرا محكما يمكن من الوقاية والحد من جميع تلك الأخطار والأمراض الفتاكة. كما أن هناك عدة معنيين آخرين لابد من مساهمتهم وتدخلهم قصد إنجاح عملية التدبير والتخلص النهائي من هذه النفايات، وعلى رأس هؤلاء المعنيين :

·         الجماعات المحلية (قسم حفظ الصحة، قسم المحافظة على البيئة،...) ؛

·         السلطات الحكومية المكلفة بالمحافظة على الصحة وبالخصوص وزارة الصحة (مديرية المستشفيات والعلاجات المتنقلة، مديرية الأوبئة ومحاربة الأمراض، مديرية القوانين والمنازعات،...) ؛

·         السلطات الحكومية المكلفة بالمحافظة على البيئة وبالخصوص الوزارة المكلفة بالبيئة (مديرية الرصد والوقاية من المخاطر، مديرية التقنين والمراقبة،...).

وتدبير هذه النفايات، التي مصادرها متعددة و أخطارها متنوعة، لا يتطلب فقط توفير الموارد المادية والبشرية المتخصصة والمعدات اللازمة، بل يقتضي كذلك توفير الوثائق والمراجع العلمية الكفيلة بإنجاز التكوين الصحيح والتوعية الكافية والتي تضمن التدبير الأمثل وتفضي إلى التطبيق السليم للنصوص التنظيمية والتشريعية الجاري بها العمل.

 

وفي إطار المساهمة في ملء الفراغ الموجود في هذه المراجع والدراسات المتخصصة، صدر لنا في سنة 2011 كتاب "النفايات الطبية والصيدلية في المغرب" باللغة الفرنسة. وإثر النجاح الكبير الذي عرفه هذا الكتاب ونفاذ طبعته الأولى، ومن أجل تعميم الفائدة على باقي الجمهور القارئ باللغة العربية، وجدنا أنه من المفيد إصدار كتاب "تدبير ومعالجة النفايات الطبية" في طبعة باللغة العربية، تضمنت عدة تنقيحات وكثيرا من الإضافات التي تأخذ بعين الاعتبار التطورات الأخيرة التي عرفها مجال تدبير النفايات الطبية والصيدلية، كما تأخذ بعين الاعتبار النصوص القانونية الجديدة المنظمة لهذا النشاط. ونتوخى من هذا الإصدار الجديد عدة أهداف، من أهمها :

·         تعزيز المعرفة المتعلقة بالنفايات الطبية والصيدلية والإطلاع على طرق تدبيرها داخل المؤسسات الاستشفائية ؛

·         توضيح كل ما يتعلق بنقل النفايات الطبية والصيدلية على ضوء الإصدارات القانونية الجديدة في هذا المجال،

·         التعريف بمختلف طرق معالجة النفايات الطبية والصيدلية وعرض أهم النتائج المحصل عليها ؛

·         تقديم أهم النصوص التشريعية والتنظيمية المتعلقة بالنفايات الطبية والصيدلية.

 

وقد عالج الكتاب مختلف هذه النقط في ستة فصول :

فالفصل الأول يضم كل ما يتعلق بتعريف وتصنيف النفايات الطبية والصيدلية. فبعد التطرق بكل إسهاب لمختلف التصنيفات الدولية والعربية، يتم تقديم التصنيف المغربي الجديد بكل تفاصيله. كما يضم هذا الفصل، دراسة تحليلية لمختلف أخطار النفايات الطبية والصيدلية على الصحة والبيئة.

ويقدم الفصل الثاني المراحل الثلاث لتدبير النفايات الطبية والصيدلية، حيث يتم التركيز في هذا الفصل على المرحلة الأولى داخل المؤسسات الاستشفائية والتي تشمل التدبير المحكم لعمليات الفرز والتلفيف والجمع والتخزين. كما يعرض هذا الفصل نتائج تطور إقبال المستشفيات العمومية على تدبير هذه النفايات عن طريق تفويت هذه الخدمة إلى شركات متخصصة.

ويتطرق الفصل الثالث لمرحلة جمع ونقل النفايات الطبية والصيدلية خارج المؤسسات الاستشفائية، حيث يركز هذا الفصل على الطرق الكفيلة للتدبير الأمثل لعمليات التلفيف والشحن والنقل والافراغ، وذلك تنفيذا لأحكام النصوص التنظيمية الجديدة وكذا التنظيمات الدولية المتعلقة بنقل البضائع الخطرة عبر الطرق.

ويخصص الفصل الرابع لكل ما يتعلق بمعالجة النفايات الطبية والصيدلية والتخلص النهائي منها. فبعد استعراض مختلف التقنيات المتاحة عالميا لمعالجة هذه النفايات، يتم التطرق بكل تفصيل للتقنية الأكثر استعمالا في المغرب. كما يعرض هذا الفصل أهم النتائج التي حصل عليها المغرب في مجال معالجة النفايات الطبية والصيدلية (التجهيزات، وحدات المعالجة، إقبال المستشفيات العمومية على تفويت معالجة نفاياتها إلى شركات متخصصة ،..).

أما الفصل الخامس، فيبين أهمية ودور التكوين والتوعية من أجل الوصول إلى تدبير محكم للنفايات الطبية والصيدلية، كما يعرض جميع برامج التكوين والتوعية التي ينبغي تخصيصها لمختلف المعنيين (المسيرون للمستشفيات والأطباء والممرضون والمكلفون بالمحافظة على الصحة والبيئة وغيرهم).

وأخيرا، يهتم الفصل السادس بالإطار القانوني لتدبير النفايات الطبية والصيدلية في المغرب. ولأجل تسهيل الأمر على القارئ تم انتقاء وفرز أهم النصوص والمواد التي تتعلق مباشرة بتلك النفايات الخطرة :

·         أحكام المرسوم رقم 2.09.139 المتعلق بتدبير النفايات الطبية والصيدلية[1].

·         مواد المرسوم رقم 2.07.253 المتعلق بتصنيف النفايات وتحديد لائحة النفايات الخطرة[2] ؛

·         أهم مواد القانون رقم 00-28 المتعلق بتدبير النفايات والتخلص منها[3] التي لها علاقة بالتدبير والتخلص النهائي من النفايات الطبية والصيدلية ؛

·         بعض مواد القانون رقم 04-17 بمثابة مدونة الأدوية و الصيدلة[4] ؛

·         بعض فصول القانون رقم 30.05 المتعلق بنقل البضائع الخطرة عبر الطرق[5].

كما يحدد كذلك هذا الفصل الميادين التي مازال فيها نقص تنظيمي، حيث ينبغي مستقبلا تهيئ نصوص قانونية جديدة ضرورية، سواء لملء هذا الفراغ القانوني أو لاستكمال النصوص التشريعية والتنظيمية التي سبق نشرها.

 

وخلاصة الأمر، هو أن هذا الكتاب يشمل جميع الجوانب المتعلقة بالتدبير المحكم للنفايات الطبية والصيدلية والتخلص النهائي منها، وذلك بهدف الحفاظ على صحة الإنسان وسلامة البيئة، ولذا فالكتاب يمكن أن يستهدف جمهورا واسعا من القراء، ولاسيما :

·         المهنيون العاملون في المجال الصحي والبيئي وخاصة الأطر والعاملون في المؤسسات الإستشفائية (المسيرون للمستشفيات والأطباء والممرضون وغيرهم)، وأطر حفظ الصحة في الجماعات الحضرية والقروية (الأطباء و البياطرة والمهنيون المكلفون بمراقبة الصحة الجماعية وغيرهم)، وذلك لأجل إعانتهم جميعا على التحكم في مسار تدبير هذه النفايات الخطرة مند مرحلة إنتاجها حتى مرحلة التخلص النهائي منها.

·         المهنيون في الميدان السوسيو- اقتصادي وبالخصوص الصناعيون المتخصصون في تدبير هذه النفايات ونقلها ومعالجتها والتخلص النهائي منها ؛

·         الباحثون والطلبة في المؤسسات التعليمية المتخصصة في المجال الصحي (كليات الطب والصيدلة، مدارس ومعاهد تكوين الممرضين،..). كما يمكن أن يستهدف هذا الكتاب الباحثين والطلبة الجامعيين في مختلف الكليات العلمية المتوفرة على إجازات ومستيرات متخصصة في مجالات البيئة والصحة (كليات العلوم، كليات العلوم والتقنيات، كليات المتعددة التخصصات،..).

وأخيرا، هذا الكتاب يمكن أن يشفي غليل شريحة واسعة من الجمعويين والسياسيين وحتى المواطنين، الذين أصبحوا، في السنوات الأخيرة، على علم بمشكلة النفايات الطبية والصيدلية، بفعل التداول الواسع لهذا الموضوع في وسائل الإعلام بمختلف أنواعها.

 

 

 

 

 

 

 

 

  

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

العودة إلى الصفحة الرئيسية        

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 



[1] ج.ر. عدد 5744 بتاريخ 18 يونيو 2009.

[2] ج.ر. عدد 5652 بتاريخ 31 يوليوز 2008.

[3] ج.ر. عدد 5480 بتاريخ 07 دجنبر 2006.

[4] ج.ر. عدد 5480 بتاريخ 07 دجنبر 2006.

[5] ج.ر. عدد 5956 بتاريخ 30 يونيو 2011.